الأحد، 22 أغسطس 2010

ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا

و ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا



مقال اليوم تكتبه: د\ إحسان أحمد يحيى


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.


وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهوعلى كل شيئ قدير وإليه المصير .


الظلم إحساس قاس، و العفو سلوك صعب... يقول الإمام علي بن إبي طالب كرم الله وجهه "متى أشفي غيظي إذا غضبت أحين أقدر على الجزاء فيقال لي –لو عفوت- أم حين أعجز عنه فيقال لي – لو صبرت-"


يقول الإمام محمد عبده في تعقيبه عن تلك المقولة في كتاب نهج البلاغة- أي أنه لا يجوز للمؤمن التشفي في أي حال فإن كان قادرا على العقوبة فالعفو أولى و إن لم يقدر فالصبر أولى.


كم من شخص يعيش بيننا قد أخطأ علينا يوما من الأيام، والكثير منهم ربما ظلمنا ، البعض تكلم علينا ظلما وبهتانا، وآخرون ربما منعونا بعض حقوقنا، وأناس وقفوا مع من ظلمنا أو شهدوا علينا زورا وبهتانا، ومنهم الذي سب وشتم ومنهم الذي أشاع الأكاذيب ولفق الأحاديث ونشرها في الآفاق، فبين مغتاب وغام وقاذف وشاتم في الخلق، سمعنا بعضهم وخفي علينا أخرون.


و ها قد قاربنا منتصف هذا الشهر الفضيل، ليالي المغفرة والتوبة، لحظات العفو والرحمة، فإن الذي يطلب من الله العفو والصفح من خطاياه فيبدأ بنفسه أولا وليعف عن خلق الله ليعفو الله عنه، فإن العفو عن الناس سبب لعفو الله عنا، قال تعالى:


{وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [سورة النور: 22]


صحيح أن الإنسان مخير بين أخذ حقه ممن ظلمه وبين العفو عنه، لكن العفو مرتبة عاليا يحبها الله جل وعلا


{وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ} [سورة البقرة: 237]


، والعفو عن الذي ظلمنا ليس نوعا من الذل أو الضعف، بل هي قربة إلى الله جل وعلا، عزة ورفعة كما جاء في قول رسول الله (صلى الله عليه و سلم):


"وما زاد الله عبدا بعفو إلا عـزا" رواه مسلم






كم من خطأ يحصل بين الأسر والأرحام والأصحاب والعاملين وغيرهم، لكن أهل التقوى من صفاتهم أنهم كما قال الله تعالى فيهم:


{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} سورة آل عمران: 134






لقد ظلم نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أشد الظلم، وأخرج من بلده، وقذف بالحجارة وحورب سنوات طوال، وشج وجهه وقتل أحب الناس اليه، لكنه لما قدر على من ظلمه وفتح مكة عفا عن الظالمين واطلقهم وقال كلمته المشهودة (اذهبوا فانتم الطلقاء.


وجاء في الحديث أن رجلين يأتيان عند الله يوم القيامة فيقول أحدهما وهو المظلوم: "يا رب خذ لي بحقي منه"، فيرفع الله له قصورا ومدائن من ذهب وفضة، فيعجب الرجل ويقول: "يا رب لأي نبي هذا؟!، لأي شهيد هذا؟!"، فيقول الله تعالى له: "هذا لمن أعطى الثمن"، فيقول العبد: "ومن يملك ثمن هذا؟!"، فيقول الله له: "أنت تملك الثمن"، فيقول العبد: "وما ثمنه يا رب"، فيقول جل جلاله: "أن تعفو عن أخيك"، فيعفو مسرعا عن أخيه فيقول الله تعالى له: "خذ بيد أخيك وادخل معه إلى هذه الجنة" [ضعفه الألباني بلفظ آخر للحديث].






العفو خلق عظيم، وسلامة الصدر من الشحناء والبغضاء صفة جليلة، ومن أحب أن يعتقه الله من النار في هذه الأيام فليتصدق بالعفو عن ظلمه، فإن هذه الصدقة من أفضل الصدقات، فأهل الإيمان يدعو ربهم ألا يجعل قلوبهم غلا للذين آمنوا، وإذا خلدوا لنومهم صفوا قلوبهم من الأحقاد والضغائن.






فهيا نسارع إلي عفو ربنا، رددوا معي:






إنني أشهد الله جلا جلاله أنني عفوت عن كل من ظلمني بقول أو بفعل في زمن سابق أو لاحق ولا أطلب من أحد شيئا، وأسأل الله أن يغفر لي ولكل إخواني المؤمنين ويجمعني بهم في جنات النعيم، اللهم آمين.






"ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، و هب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب"


اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم، و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد"


و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


* أخوتى فى الله هذه كانت رسالة اليوم فى سلسلة "مع الله فى رمضان " وغداً نكمل البقية إن كان فى العمر بقية (إن شاء الله)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق