الخميس، 12 أغسطس 2010

وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ"

" مع الله فى رمضان " 2




" وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ"



مقال اليوم تكتبه د/ إحسان أحمد يحيى عثمان

فى حب الله – وفى حب رسول الله – وفى حب كل عمل يقربنا إلى الله - كونوا معنا فى رمضان - خواطر إيمانية يومية فى حب الله ورسوله .

" لا تؤمنوا حتى يكون الله ورسوله أحب إليكم مما سواهما "

بسم الله والحمد لله نستعين به جل وعلا في جميع أمورنا، طالبين منه وحده العون فهو الرب المعبود، ذو الفضل و الجود، واسع الرحمة كثير التفضل سبحانه الرحمن الرحيم.

و نصلي و نسلم على نبينا المبعوث رحمة للعالمين سيدنا و مولانا و حبيبنا محمد صلى الله و سلم و بارك عليه و على آل بيته أجمعين.

يقول ربنا جل و علا:

" وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ"
البقرة(45)

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" البقرة (153)
الأية الأولي تأتي بعد الأيات التي بها الدعوة لإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة.... و هنا نجد سؤالا يطرح نفسه كيف نستعين بالصلاة على "إقامة الصلاة"
أما الأية الثانية فتأتي بعد أيات تحويل القبلة و الدعوة لنول وجوهنا شطر المسجد الحرام، ثم الدعوة لذكر الله

"فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ" البقرة (152)

فهنا أيضا نستعين بالصلاة و هي ذكر لله على مداومة ذكر الله – نستعين بالذكر على الذكر

لذا فإن ذكر الصبر هنا له معنى هام جدا "الصبر و الصلاة" و ذكر لفظ الصبر أولا قبل لفظ الصلاة و الصبر في اللغة " الحبس للنفس على ما تكره "

و أخذتني الخواطر نحو حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم" كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع و العطش و كم من قائم ليس له من قيامه إلا التعب و النصب".

و هنا تتضح الصلة بين الصبر و الصلاة، فإن الصبر في معناه المداومة و الإستعانة بالصبر و الصلاة، أي المداومة عليها ويقول إبن كثير في تفسير تلك الأية (يقول تعالى آمرا عبيده فيما يؤملون من خير الدنيا والآخرة بالاستعانة بالصبر والصلاة كما قال مقاتل بن حيان في تفسير هذه الآية استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض والصلاة).

و بذلك نجد إجابة السؤال أن الصبر على الصلاة يجعلنا نرتقي من أن تكون صلاتنا حركات نؤديها ليس لنا منها إلا التعب و النصب إلي "إقامة الصلاة" فنكون حقا مقيمين للصلاة بقلوبنا و عقولنا وجوارحنا.

و في تفسير الجلالين لهذه الأية (45): واستعينوا" اطلبوا المعونة على أموركم "بالصبر" الحبس للنفس على ما تكره "والصلاة" أفردها بالذكر تعظيما لشأنها وفي الحديث ( كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة وقيل الخطاب لليهود لما عاقهم عن الإيمان الشره وحب الرياسة فأمروا بالصبر وهو الصوم لأنه يكسر الشهوة والصلاة لأنها تورث الخشوع وتنفي الكبر "وإنها" أي الصلاة "لكبيرة" ثقيلة "إلا على الخاشعين" الساكنين إلى الطاعة
و تفسير الإمام الطبري لقوله تعالى " اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ" في الأية الثانية التي وردت بعد أيات تحويل القبلة أنه حض من الله تعالى ذكره على طاعته واحتمال مكروهها على الأبدان والأموال , فقال : يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة على القيام بطاعتي وأداء فرائضي في ناسخ أحكامي والانصراف عما أنسخه منها إلى الذي أحدثه لكم من فرائضي وأنقلكم إليه من أحكامي , والتسليم لأمري فيما آمركم به في حين إلزامكم حكمه , والتحول عنه بعد تحويلي إياكم عنه.
و نجد الأية الأولى التي تلي الدعوة لللإيمان و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة تختتم بقوله تعالى:
" وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ"
نعم إن الأمر صعبا و لذا نحتاج فيه للصبر و المداومة على العمل، لنكون من الخاشعين فمن هم الخاشعين:

يقول الإمام القرطبي الخشوع هيئة في النفس يظهر منها في الجوارح سكون وتواضع وقال قتادة الخشوع في القلب وهو الخوف وغض البصر في الصلاة قال الزجاج : الخاشع الذي يرى أثر الذل والخشوع عليه كخشوع الدار بعد الإقواء

وقال الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) : ( الخشوع في القلب , وأن تلين كفيك للمرء المسلم , وألا تلتفت في صلاتك) .

و هنا نجد أن قول الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) قد عاد بنا للصلاة و أن التركيز في الصلاة و التوجه بالقلب و الروح نحو رب العالمين هو صفات الخاشعين.
أما الأية الثانية التي وردت بعد ايات تحويل القبلة فنجدها تختتم بقوله تعالى:

"إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"
و يقول الإمام الطبري في تفسير هذه الأية:

وأما قوله : { إن الله مع الصابرين } فإن تأويله : فإن الله ناصره وظهيره وراض بفعله.

و في تفسير إبن كثير نجده يذكر قول

علي بن الحسين زين العابدين (رضي الله عنه) إذا جمع الله الأولين والآخرين ينادي مناد أين الصابرون ليدخلوا الجنة قبل الحساب ؟ قال فيقوم عنق من الناس فيتلقاهم الملائكة فيقولون إلى أين يا بني آدم ؟ فيقولون إلى الجنة فيقولون وقبل الحساب ؟ قالوا نعم قالوا ومن أنتم ؟ قالوا نحن الصابرون قالوا وما كان صبركم ؟ قالوا صبرنا على طاعة الله وصبرنا عن معصية الله حتى توفانا الله قالوا أنتم كما قلتم ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين " قلت " ويشهد لهذا قوله تعالى" إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب "

اللهم إجعلنا من الصابرين الخاشعين المداومين على الذكر و الصلاة.

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، و هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب

ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، و أعف عنا و أغفر لنا و أرحمنا، أنت مولانا فأنصرنا على القوم الكافرين

ربنا أغفر لنا و لوالدينا و لأزواجنا و لأهلينا و لجميع المسلمين

و صل اللهم و سلم و بارك على سيدنا محمد و على أله و صحبه أجمعين و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

* أخوتى فى الله هذه كانت رسالة اليوم فى سلسلة "مع الله فى رمضان " وغداً نكمل البقية إن كان فى العمر بقية (إن شاء الله)

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم وأخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.



للمزيد قم بزيارة المدونة الإلكترونية "الهجرة إلى الله " على الرابط التالي:

http://hegratoallah.blogspot.com/



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق